كتب : حسن خالد
ما بين " افرح " مع كوكاكولا و " الفستان البمبي " مع بيبسي كان الصراع شرس في استفتاءات كثيرة دارت فى صفحات الـ Facebook و من خلالها نقدر نحكم على معايير جودة الإعلان التي يضعها المشاهد للحكم عليه ، و من ثم يمكن الحكم على مدى إقبال المستهلكين على شراء السلع و طبيعتها ...
تتعدد المنتجات وتنقسم – غالبا – الإعلانات التلفزيونية إلى ثلاث أنواع حيث السلع الاستهلاكية و المنزلية ، المنتجات الغذائية ، و الخدمات و الجمعيات بأنواعها ...
بينما تنقسم أهداف هذه الإعلانات بين ثلاث أركان أساسية هي " المصلحة " و تحقيق أقصى ربح ممكن بغض النظر عن القيمة التي تصل للمشاهد ، " الترويج " و يشمل تحقيق الربح للشركة و صورة ذهنية جيدة عن المنتج للمشاهد ، و أخيرا " المسئولية الاجتماعية " و هي الجامعة بين الربح و الصورة الذهنية و الفائدة للمشاهد و المستهلك ، و هذا ما لوحظ بشكل أو بآخر في كثير من النماذج الإعلانية المعروضة في رمضان ...
و لعل هذا المفهوم يغيب عن أذهان كثير من المستهلكين – و إلا ما كانوا اختاروا الفستان البمبي ! – لذلك فالمسئولية الاجتماعية للشركات CSR تعرف على أنها شكل من أشكال التنظيم الذاتي للشركات الذي يجب أن يضمه العمل النموذجي و تعتبر في الأساس إدراجا واعيا للمصلحة العامة في عملية اتخاذ القرار في الشركات و احترام ثلاثي الأبعاد بمعنى احترام البشر و الكون إلي جانب المكسب المادي ...
و لذلك على المستثمر أن يراعي في عمله و أفعاله مصلحة الآخرين ، و أن يدرك الآثار المترتبة على ما يقدمه لهم من منتجات ، و يمكن أن تتنوع بين البرامج الخيرية و خدمة المجتمع المحلي ، إلى الوعي بالأثر البيئي ...
و في هذا يمكن ذكر مثال حملة شركة بيبسي حيث نوعت في أهدافها بين ما يخدم الفكر و الصحة و العمل الخيري و لكن النقص هو فى ترتيب الأوراق و الإغراءات التي قدمتها للمشاهد ، حيث أن العمل الخيري هو أيسر طرق المساهمة في المجتمع لأنه عمل مؤقت المدة ، سهل الدفع و التخلص من متابعته و في نفس الوقت يبدي النوايا الحسنة للشركة للمساهمة فى التصدي للفقر !
فإصدار البيانات الصحفية و المتابعات و الإعلانات ، هذه التفاصيل كلها تسهم بشكل كبير في إيداع رأس مال اجتماعي كبير في عقول المستهلكين ، بينما تفضل شركات أخرى انتهاج أسلوب توعية المواطنين بمفاهيم العمل التطوعي و العمل الخيري أو القيم الاجتماعية التي تسهم في رفع الحالة النفسية للمواطنين و مشاركتهم الإيجابية في المجتمع و هذا ما ركزت عليه شركة كوكاكولا و فودافون ...
بينما تنتهج شركات أخرى أسلوب الفصل بين مسئوليتها الاجتماعية و بين تحقيق ربحيتها فنجد شركة موبينيل و مبادرة تدريب و تشغيل 200 ألف شاب و إن لم تأخذ حقها فى الانتشار بشكل كافي ...
و لكي لا يحدث لبس عند المشاهد ، فمن مقتضيات المسئولية الاجتماعية على الإعلام بأشكاله هو القيام تجاه المجتمع بنشر ثقافة المسئولية الاجتماعية و جعل هذه المسئولية جزء من ثقافة المجتمع فلا يحدث ذلك الخلط المستمر بين العمل الخيري المتمثل في تبرعات و أشكال التفاعل الإنساني مع بعض الحالات بدافع التعاطف اللحظي ، و بين المسئولية الاجتماعية التي يتأرجح مداها بين الطويل و القصير ...
و هذا من شأنه إثبات أنه لا تعارض بين الالتزام الأخلاقي للشركات ( و الذي لا يتمثل فقط فى الأعمال الخيرية ، بينما يمتد للمنتجات الأصلية للشركة و مدى ملائمتها لقيم المجتمع ) و بين سعي الشركة لتحقيق الربح و توسيع نطاق أعمالها ...
و توجد أشكال أخرى للمسئولية الاجتماعية حيث يمكن لشركات القطاع الخاص أن تتبنى مشروع أو بحث علمي يخدم مجال عملها من أجل تطويره ، كما يمكن تحالف عدة شركات للعمل على إعداد كوادر وطنية و إبتعاث الشباب للخارج لاكتساب الخبرات و المهارات و التي تسهم فى تطوير المؤسسات الوطنية في القطاعين الخاص و العام ...
ولا يقتصر مفهوم المسئولية الاجتماعية على شركات القطاع الخاص و مؤسساته فحسب بل يشمل كل منظمات المجتمع المدني و القطاع العام و الهيئات الحكومية و تمتد في الغالب إلى مبادرات أخلاقية ، على سبيل المثال في المملكة المتحدة تم زيادة ضرائب الطرق على السيارات ذات نسبة العادم العالية ...
و أخيرا تنصح الأستاذة " خلود الخالدي " الخبيرة بمنظمة العمل الدولية ، للنهوض بهذه المسئولية الاجتماعية على النحو الأمثل .. بمزيد من التوعية و الشفافية و القوانين و التشريعات التي تكفل ممارسة الشركات لمسئوليتها الاجتماعية ، كما أشارت إلى دور الإعلام في تعزيز هذا المفهوم بحيث يصبح منهجا تتبعه جميع المؤسسات بما فيها الصغيرة و المتوسطة ، حيث أن مساهمتهم في تطوير القدرات البشرية تعود بالنفع على شركاتهم بحيث تصبح أكثر إنتاجيه و تنافسيه و ربحية ...
في النهاية .. الإعلانات ليست فقط للتسلية ، أو التأثير على المستهلك بغرض دفعه لشراء السلعة أو دفعه للمشاركة في حمله بعينها إنما هي قيمة تؤثر و تتأثر بالمجتمع ، و لعل مستوى و جودة الإعلانات في منطقة الخليج يفرض نفسه على ساحة المشاهد العربي أكثر من الإعلانات المصرية ، ليس فقط لجودة القصص و الصورة و إنما لاحترامها لقيم المشاهد و اتساقها مع المسئولية الاجتماعية التي تتوافق مع العالم العربي أجمع و هي القيم الإسلامية المتعارف عليها و التي يبرز أثرها في المجتمع بشكل واضح ...
المسئولية الاجتماعية .. هي اللغة المستقبلية لفنون الدعاية والإعلان يمكنك التعرف عليها و ممارستها فهي ليست حكرا على المؤسسات بل إنها مسئولية كل فرد منا ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق