السبت، 23 يوليو 2011

الكايزن




في رحلتي السريعة إلى – عالم – اليابان ، و في ظل بحثي دائما عن سر تفوق و تميز الدول – خاصة الصناعية و الإنتاجية منها – لا أخفي سرا عن عدم انبهاري بكل ما حولي !!!!

قد يكون عجيبا أن لا أنبهر بكم التقنية الموجود حولي و النظام الذي يتميز بالدقة الشديدة – التي تكاد تخنق أنفاسك – و التحلي دائما بالاحترام و الأخلاق الراقية في التعامل معك أنت و من حولك ، أيضا عجيب عدم انبهاري بالتفوق الاقتصادي العجيب الذي وصلوا إليه !!!

و لكن ما اللغز حول ما شعرت به من شبه اللامبالاة !!!

إنه الكايزن !

نعم ( الكايزن ) فهو الشيء الأكثر شيوعا في اليابان و عندما علمت ماهيته و أدركت أهميته كان انبهاري – و خجلي من قله علمي آنذاك – أن هذا المبدأ الذي تقوم عليه كل مؤسسات اليابان سواء حكومية أو خاصة ، هو شيء أوصانا به الدين الإسلامي في أول كلمة نزل بها الوحي " اقرأ "  و التي لها دلالات كثير سأوضحها فيما بعد ...

و لكي لا يطول اللغز عليكم فالـ ( كايزن ) كلمة يابانيه مكونة من مقطعين ( كاي ) و تعنى ( غيّر / تغيير ) و ( زان ) و تغني ( الأحسن / الخير ) و ( كايزن ) تستخدم بمعنى ( التحسين المستمر ) ابتكر هذا المبدأ تاييشي أوهونو ( Taiichi Ohno ) و هي تشير إلي النشاطات التي تؤدى باستمرار إلى تحسين جميع مناحي العمل ، و استخدم هذا المبدأ بكثافة شديدة في إعادة إصلاح اليابان بعد الحرب العالمية الثانية و منذ ذلك الحين انتشرت في ميادين الأعمال في كل أنحاء العالم !

فلماذا انبهر بكل ما حولي فالفرد الياباني إذا تعلم كلمة جديدة كل يوم و علمها لأولاه أو من حوله لكفت كل هذا التقدم و أكثر فالتحسين المستمر لا يتوقف عند حدود المعرفة فقط فمع المعرفة تتطور و تتحسن القدرات و هذا النظام الذي ينبهر به العالم الآن و تقوم عليه مؤسسات العالم لم ينشأ فجأة فكل شيء يأخذ حقه في الإنتاج فالمبدأ لم يقوم على ( التحسين ) فقط بل شرط أن يكون هذا التحسين ( مستمر ) ..

و لكن ما علاقة " اقرأ " بهذا المبدأ ؟؟

تأمل معي للحظة في معاني كلمة اقرأ ، فاقرأ بها أمر مباشر لإدخال معلومات جديدة إلى ذهنك و التي بدورها تتحول إلى سلوك ، أو أفعال ، أو خبرات و تتراكم بداخلك لحين قراءتك لمعلومة جديدة ، و مع كل كلمة تقرأها و تطبقها على الواقع ،أو تختزنها داخلك فأنت تتطور و ترقى بها إلى الأفضل ..

لاحظ الفرق بين من يقرأ و من لا يقرأ !!

تجد تفاوت كبير في الخبرات فالذي يقرأ هو يكتسب خبرات الآخرين و يضيف إليها خبراته فيتطور سريعا عن الشخص الآخر الذي ينتظر أن تعلمه الحياة !


و لكن هل ( الكايزن ) يرتبط لدينا بالقراءة فقط ؟؟

بالطبع لا فالكايزن في كل عمل و ذلك توضحه الآية الكريمة " إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا " [ الكهف 30 ]
فكل عمل و لو كان بسيطا لو حرصت أن تحسن نفسك فيه باستمرار لوجدت أن ما يعود عليك بعد فتره – بسيطة – ليس قليلا و قد جربت ذلك بنفسي فمنذ أن قمت بتنفيذ هذا المبدأ عمليا و أنا دائما أطور من قدراتي و إلا ما كتبت لك هذا المقال على صورته !!

لكن هل من وصفة سحرية – سهلة – يكون بعدها هذا التحسين مستمرا ، فأنا كثيرا ما أقدم أن أطور من مهاراتي و لكن يعوقني الاستمرار ؟؟


بالطبع قد يرهقك أن تتخذ قرار بالتحسين – و هو تغيير في بعض النقاط في حياتك – و تلزم نفسك بالاستمرار عليه ، فالتغيير لابد أن يكون تدريجيا و متجه من الأسفل للأعلى ..
سأسرد عليك وصفتي السحرية و هذا ما فعلته فعلا :-

-         أكتب كلمة كايزن و معناها في مكان واضح أمامك دائما و ليكن شاشة الكمبيوتر
-         اختر مجالا يجب عليك تحسين نفسك فيه باستمرار و لا تستطيع و ليكن مجال دراستك أو عملك .
-    ابدأ و ضع لنفسك خطة زمنية بسيطة و ابدأ من الأسهل إلى السهل ثم المتوسط ثم  الصعب ثم الأكثر صعوبة ، ذلك بالتوفيق من خطتك الزمنية – فائدة تلك الخطة الزمنية البسيطة هي تقييم أداؤك و عدم إهدار الكثير من وقتك – و لا ترهق نفسك بضبط الوقت بالساعة و الثانية فقط ضع خطوط عريضة تستطيع التقييم من خلالها .
-    قيّم نفسك و حسّن خططك باستمرار و ستلاحظ خلال فتره – بسيطة – مدى تطورك في المجال الذي حددته و عندما تعتاد على الكايزن ستجد أنك تتعامل بتلقائية به مع كل نواحي حياتك سواء شخصية أو عملية ، و تلك التلقائية ستوفر الكثير من الوقت في التخطيط ، و المراقبة ، و التقييم .
-         أشرك من حولك و حسّن من أدائهم معك فالإحساس بالمشاركة يضفي نوعا من التحفيز نحو الانجاز و سرعه التحسن .

تم نشر المقال بعدد مارس 2011 من مجلة فورورد الالكترونية :)
لتحميل العدد أضغط هنا

MP3 لكل مواطن .. و كيس بلاستيك !



      قاعد في الميكروباظ ، واقف في نص الشارع مستني الأتوبيس اللي عمره ما جه في ميعاده و مش هـ يقف في محطته طبعا !

قاعد مستني تحت المدرج اللّي مبتشوفوش إلا في المواسم – أخر كل ترم – مستني المدرج يفتح عشان تطلع تقعد في أخر بنش !

غالبا الأوقات دي بـ تبقى قاعد أما بـ تبص على كل حاجه حواليك و مبتعملش أي حاجة في الدنيا ، أو لو أنت اجتماعي شوية تصطاد أي حد و ترغي معه في أي حاجه في الدنيا لحد ما الوقت يعدّي و تخلص مصلحتك !

أنت ليه مفرط أوي كده في حقك ... يا راجل أنا لو منك أعمل اعتصام في وسط النيل و أطالب بحقي في عيشه من غير ملل و لا زهق ، أطالب بحقي في أن وقتي ميضعش في زحمه المواصلات ، أطالب أن مفيش واحد غتت يفتح معايا كلام و أنا مش طايق أسمع منه حاجة و يتدخل في اللي ملوش فيه و يقعد يفتي عليَّ ، أطالب بحقي في أني مسمعش ألفاظ زى – التيييت – بكل بجاحة !

أوقات كتير بـ تضيع في كلام فاضي من غير ما نستفيد منها بأي حاجة .. طب ماذا لو لو ... أدينا MP3 لكل مواطن بس بشرط ، أنه ميستخدموش في سماع الأغاني اللي جابتنا ورا ، و لا يسجل عليه ذكرياته المؤسفة مع أبله فتكات بتاعه ابتدائي !

عندنا 100 ألف حاجة نسمعها غير الأغاني و تسجيل الذكريات ، مش هـ أقول ننزل دروس و لا خطب و الكلام الكبير دة لأن كده كده مع الدوشة نسبة كبيرة مش هـ تبقى مركزة و هي ماشية فى الكلام دة ، إيه رأيكم لو مليناه قصص ، برامج بسيطة من أنتاج الشباب و مفيش أكتر منها دلوقتي إذاعات الانترنت غرقتنا ببرامجها اللي فى أوقات كتير بـ تبقى مسلية و في نفس الوقت فيها معلومة ... أية رأيك تكسب معلومة و تسلي وقتك و تنعزل عن دوشة العالم اللي حواليك .. فكّر بسرعة العرض دة ساري لغاية ما أشوف كل مواطن شايل MP3  ... المفروض تضحك دلوقتي :))

على فكرة لسه فاضل الكيس البلاستيك ... دة بقى استخدامه سهل و بسيط أي حد تشوفه بـ يشتم أو بـ يقول ألفاظ مش لطيفة أو صوته عالي ... خليه يدفع جنيه و حطه في الكيس على طول و أن مدفعش كعبر الكيس – جاي من صفة الكيس المكعبر – و على طول أحشره في فُمّه – جاي من فَم البٌق يعني – و أجري على طول لأن الطريقة دي مش مضمونة بس أنا قولت أرضي ضميري و أقولكم على كل الوسايل المتاحة ...

الفكرة بكل بساطة أننا محتاجين نطوّر و نحسّن ثقافة الاستماع و الحديث ، ميبقاش كل تفكيرنا المطرب الفلاني نزل أغنية وااو و نسأل السؤال المعتاد هي نزلت MP3 و لا لسة ! أو الممثلة الأخت المحترمة المبجلة اللي دايما لابسة زى الـ - تييت - خلصت الفيلم الجديد و لا لسه ... ما أحنا عندنا أدباء و مفكرين و علماء و مذيعين و إعلاميين ممكن نسمع لهم و لا هي الكحكة في أيد اليتيم عجبه !!

و زى ما محتاجين نسمع حاجات كويسة تنور اللمبة اللي فوق دي ، محتاجين نطوّر أسلوب كلامنا ، يعنى ( فكك ) بقى من الجو ( الفاكس ) بتاع الأفلام دة و الشباب ( السيس ) تبطل تستخدم الشتايم في كلامها ، عجبنى أحمد حلمي لما قرر أنه يستخدم التيييت بدل أي لفظ خارج كانت فكرة عبقرية .. بدّلها و قول تييت لحد ما تبطل تييت خالص ... في النهاية أنا اناشد السادة المواطنين – لأن الحكومة كان الله فى عونها مش فاضيه للمطالب الفرعية دي – أن يكون لكل مواطن MP3 و كيس بلاستيك و أنا من ناحيتي عايز واحد بسكويت بالملح ...


المقال منشور بعدد مارس من مجلة فورورد الألكترونية :)
لتحميل العدد أضغط هنا

خلى بالك قبل ما تـ Forward




           الأفكار مثل الهواء لا أحد يستطيع منعها من الانتشار ، لا أحد يستطيع العيش بدون أن يعمل عقله و يفكر ، و كما ورد في إحدى كتب الشيخ محمد متولي الشعراوي " الفكر هو المقياس الذي يميز فيه الإنسان البدائل ، و يختار ما يراه أحسن لسعادته ، و أحفظ لمستقبله و مستقبل أسرته " لكن هل التفكير كله متساوي !

أكيد لا ، و إلا لن تحدث سنّة الاختلاف في كل شيء في الدنيا حتى الأديان ، فـ لكل واحد معتقده و ديانته و التي تشكل – فيما بعد – مرجعيته الأساسية في كل شيء ...

لكن الذي يجعل من الاختلاف خطرا – يجب تتبعه – هو التشبث بفكرتك و رفض سماع أي فكرة جديدة ، و كما بيّنت إحدى الدراسات في كلية الطب في سان فرانسيسكو في الثمانينات أن أكثر من 80 % من أفكار الإنسان سلبية و تعمل ضده ، و هذا يشبه ما ورد فى الدين الإسلامي من حيث أن النفس أماره بالسوء ، و يترتب على ذلك نتيجة هامة و هي أنه يتوجب علينا تصفية و تنقية أي فكرة دخيلة ...

و السؤال الحتمي هنا ، كيف تتم عملية الانتقاء و التصفية Filtration ؟

حتى التصفية أختلف فيها الناس حيث يعمل البعض على تصفية تلك الأفكار وفقا لأفكار أخرى قديمة متراكمة لديه ، و وفقا لتربيته ...

في حين آخرين يصفّون تلك الأفكار وفقا للمعتقد الديني و اتجاهاته بين الضعيف و المتشدد و الوسطي ، بينما يفضل آخرون الموازنة بين رأي الدين و رأي أساتذة و مختصين ...

و آخرون لا يتركون للشك مجالا ، لا يتركون صغيره و لا كبيرة إلا و بحثوا فيها و ذلك ضروري في حالة إن كانت الأفكار التي وردتهم خطيرة ...

بينما يقع آخرون في حالة من التيه – مش فاهمين حاجة معاهم معاهم ، عليهم عليهم – و هؤلاء هم مصدر كل القلق لأن أي تمرير لفكرة – أيا كانت – سيتخذون رأيهم وفق الأغلبية المرئية أمامهم – شايفين ناس بـ تهتف بنفس الفكرة أحنا معاهم و يلا بينا نشارك – و إذا لم يشارك أحد أو ليس هناك رأي محدد لفكرة بعينها يبدأ الشك و القلق يدق قلوبهم ، بل في بعض الحالات يطلقون الشائعات – غير مبالين بالعواقب – حتى و إن كانت الفكرة صحيحة لكن ليس لها قبول جماهيري كبير و كثير ما نجد تلك الأفكار – الجديدة ، الغريبة ، الغامضة أحيانا – التي تصدر في أغلب الوقت من الشباب ...
  
و هنا لابد أن نوضح أن ثقافة التمرير Forward لابد أن تتم بشكل حذر في الخمس أنماط و يمكن أن تسأل نفسك ..

-         ما هي المعلومة التي سأمررها لغيري ( دينية – علمية – ثقافية – سياسية و ما أخطرها حاليا )
-    ما هو مدى صحة المعلومة .. وفقا للمرجعية التي أتبناها – و ارتاح لها – و ليس ذلك فقط بل إذا أخذت قرار التمرير يتوجب عليّ ذكر المصدر لغيري لكي يستطيع تحديد مدى مصداقية المعلومة وفقا لمرجعيته الشخصية ...
-    ما هو مدى مصداقية المصدر نفسه ، خاصة إن لم تذكر في كتاب يمكن الحصول عليه بشكل مباشر ، أو ناتجة عن شخص معين له اتجاه فكري أو سياسي أو علمي معين قد لا يقبله البعض الآخر ...
-    لمن أمرر المعلومة .. يهمل الكثير تلك النقطة الهامة ، فيمرر معلوماته يمينا و شمالا ، لا مبال بأفكار و معتقدات الآخرين مما يعرض البعض للحرج أو قد يوقعه في مشكلة دون أن يدري ...
-    كيف أمرر المعلومة .. و هي أخطر جزء في عملية التمرير خاصة مع توافر خدمات الانترنت و شبكات التواصل الاجتماعي أصبح تمرير أي معلومة في أي وقت أمر لا يأخذ بضع ثواني ، و أنا لا أستطيع أن أحدد لك طريقة فـ وفقا لنوع المعلومات تستطيع أن تحدد كيف تمررها و أين يجب تمريرها ...
-         الشفافية التامة و تحمل مسئولية النتائج في الخطأ قبل الصواب ، و كل لبيب بالإشارة يفهم !

و لابد دائما أن نتذكر الحكمة " أنت اليوم حيث أتت أفكارك و ستكون غدا حيث تأخذك أفكارك "

فكر بإيجابية بنّائه – و لو أن المصطلح قد يشوبه بعض الغموض و لكن في ظل المتغيرات التي نمر بها حتى الإيجابية أصبح لها تصنيفات ، و ما أقصده بالإيجابية بنّائه التفكير في المستقبل البعيد من ناحية الخطط الإستراتيجية طويلة المدى و الخطط قصيرة المدى – و لا تسمح أبدا بتمرير أو قبول أفكار تضرك ، و تضر الآخرين أو أي معلومات لها أثار جانبية لا تضمن نتائجها فـ الكل حر في أفكاره ، و عليك احترام وجهة نظر الآخر و لكن ليس من حقه فرض سيطرته عليك حتى و لو كان باستخدام القوة الناعمة – الضغط الغير مباشر بالصداقة مثلا ، أو الجمل البراقة مثل شارك إذا كنت إيجابي ، إن لم تستطيع الحضور شارك بنشرها و لك الأجر خاصة إذا تبين أن المعلومة ليس لها مرجعية دينية قوية ، أو تضر الأمن و الصالح العام و الخاص أيضا – تذكر أن إبداء الرأي مهمة شاقة لأنه يصبح معلومة قد يمررها غيرك فـ أحرص أن يكون رأيك مبني على أساس قوي محايد و واضح حتى إذا تم تمريره لا يكون أثره غير معروف ...

و كما قال باسكال " كرامة الإنسان تكمن في فكره " ...         


تم نشر المقال في عدد ( الثورة ) فبراير 2011 بمجلة فورورد الالكترونية :)
لتحميل العدد أضغط هنا