السبت، 23 يوليو 2011

خلى بالك قبل ما تـ Forward




           الأفكار مثل الهواء لا أحد يستطيع منعها من الانتشار ، لا أحد يستطيع العيش بدون أن يعمل عقله و يفكر ، و كما ورد في إحدى كتب الشيخ محمد متولي الشعراوي " الفكر هو المقياس الذي يميز فيه الإنسان البدائل ، و يختار ما يراه أحسن لسعادته ، و أحفظ لمستقبله و مستقبل أسرته " لكن هل التفكير كله متساوي !

أكيد لا ، و إلا لن تحدث سنّة الاختلاف في كل شيء في الدنيا حتى الأديان ، فـ لكل واحد معتقده و ديانته و التي تشكل – فيما بعد – مرجعيته الأساسية في كل شيء ...

لكن الذي يجعل من الاختلاف خطرا – يجب تتبعه – هو التشبث بفكرتك و رفض سماع أي فكرة جديدة ، و كما بيّنت إحدى الدراسات في كلية الطب في سان فرانسيسكو في الثمانينات أن أكثر من 80 % من أفكار الإنسان سلبية و تعمل ضده ، و هذا يشبه ما ورد فى الدين الإسلامي من حيث أن النفس أماره بالسوء ، و يترتب على ذلك نتيجة هامة و هي أنه يتوجب علينا تصفية و تنقية أي فكرة دخيلة ...

و السؤال الحتمي هنا ، كيف تتم عملية الانتقاء و التصفية Filtration ؟

حتى التصفية أختلف فيها الناس حيث يعمل البعض على تصفية تلك الأفكار وفقا لأفكار أخرى قديمة متراكمة لديه ، و وفقا لتربيته ...

في حين آخرين يصفّون تلك الأفكار وفقا للمعتقد الديني و اتجاهاته بين الضعيف و المتشدد و الوسطي ، بينما يفضل آخرون الموازنة بين رأي الدين و رأي أساتذة و مختصين ...

و آخرون لا يتركون للشك مجالا ، لا يتركون صغيره و لا كبيرة إلا و بحثوا فيها و ذلك ضروري في حالة إن كانت الأفكار التي وردتهم خطيرة ...

بينما يقع آخرون في حالة من التيه – مش فاهمين حاجة معاهم معاهم ، عليهم عليهم – و هؤلاء هم مصدر كل القلق لأن أي تمرير لفكرة – أيا كانت – سيتخذون رأيهم وفق الأغلبية المرئية أمامهم – شايفين ناس بـ تهتف بنفس الفكرة أحنا معاهم و يلا بينا نشارك – و إذا لم يشارك أحد أو ليس هناك رأي محدد لفكرة بعينها يبدأ الشك و القلق يدق قلوبهم ، بل في بعض الحالات يطلقون الشائعات – غير مبالين بالعواقب – حتى و إن كانت الفكرة صحيحة لكن ليس لها قبول جماهيري كبير و كثير ما نجد تلك الأفكار – الجديدة ، الغريبة ، الغامضة أحيانا – التي تصدر في أغلب الوقت من الشباب ...
  
و هنا لابد أن نوضح أن ثقافة التمرير Forward لابد أن تتم بشكل حذر في الخمس أنماط و يمكن أن تسأل نفسك ..

-         ما هي المعلومة التي سأمررها لغيري ( دينية – علمية – ثقافية – سياسية و ما أخطرها حاليا )
-    ما هو مدى صحة المعلومة .. وفقا للمرجعية التي أتبناها – و ارتاح لها – و ليس ذلك فقط بل إذا أخذت قرار التمرير يتوجب عليّ ذكر المصدر لغيري لكي يستطيع تحديد مدى مصداقية المعلومة وفقا لمرجعيته الشخصية ...
-    ما هو مدى مصداقية المصدر نفسه ، خاصة إن لم تذكر في كتاب يمكن الحصول عليه بشكل مباشر ، أو ناتجة عن شخص معين له اتجاه فكري أو سياسي أو علمي معين قد لا يقبله البعض الآخر ...
-    لمن أمرر المعلومة .. يهمل الكثير تلك النقطة الهامة ، فيمرر معلوماته يمينا و شمالا ، لا مبال بأفكار و معتقدات الآخرين مما يعرض البعض للحرج أو قد يوقعه في مشكلة دون أن يدري ...
-    كيف أمرر المعلومة .. و هي أخطر جزء في عملية التمرير خاصة مع توافر خدمات الانترنت و شبكات التواصل الاجتماعي أصبح تمرير أي معلومة في أي وقت أمر لا يأخذ بضع ثواني ، و أنا لا أستطيع أن أحدد لك طريقة فـ وفقا لنوع المعلومات تستطيع أن تحدد كيف تمررها و أين يجب تمريرها ...
-         الشفافية التامة و تحمل مسئولية النتائج في الخطأ قبل الصواب ، و كل لبيب بالإشارة يفهم !

و لابد دائما أن نتذكر الحكمة " أنت اليوم حيث أتت أفكارك و ستكون غدا حيث تأخذك أفكارك "

فكر بإيجابية بنّائه – و لو أن المصطلح قد يشوبه بعض الغموض و لكن في ظل المتغيرات التي نمر بها حتى الإيجابية أصبح لها تصنيفات ، و ما أقصده بالإيجابية بنّائه التفكير في المستقبل البعيد من ناحية الخطط الإستراتيجية طويلة المدى و الخطط قصيرة المدى – و لا تسمح أبدا بتمرير أو قبول أفكار تضرك ، و تضر الآخرين أو أي معلومات لها أثار جانبية لا تضمن نتائجها فـ الكل حر في أفكاره ، و عليك احترام وجهة نظر الآخر و لكن ليس من حقه فرض سيطرته عليك حتى و لو كان باستخدام القوة الناعمة – الضغط الغير مباشر بالصداقة مثلا ، أو الجمل البراقة مثل شارك إذا كنت إيجابي ، إن لم تستطيع الحضور شارك بنشرها و لك الأجر خاصة إذا تبين أن المعلومة ليس لها مرجعية دينية قوية ، أو تضر الأمن و الصالح العام و الخاص أيضا – تذكر أن إبداء الرأي مهمة شاقة لأنه يصبح معلومة قد يمررها غيرك فـ أحرص أن يكون رأيك مبني على أساس قوي محايد و واضح حتى إذا تم تمريره لا يكون أثره غير معروف ...

و كما قال باسكال " كرامة الإنسان تكمن في فكره " ...         


تم نشر المقال في عدد ( الثورة ) فبراير 2011 بمجلة فورورد الالكترونية :)
لتحميل العدد أضغط هنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق