الثلاثاء، 4 مايو 2010

عايش شحاتة !


" لله يا محسنين " تلك الكلمة التي كانت تقال قديما و التي تعتبر " ماركة مسجلة " للشحاذين لممارسة تلك المهنة !

مهنة ! .. نعم أصبحت الشحاذة و التسول مهنة اعترف بها المجتمع و اعترفت بها الحكومات أيضا !

فما رأيك في تلك المرأة التي تنتظرك على باب المسجد كل جمعة و في ختام كل صلاة لتستعطف قلبك بل دعني أقول ( جيبك ) لكي تحصل في النهاية على بضعة جنيهات بحجة أنها تريد إطعام أطفالها اليتامى !
لماذا لم تدخل تلك المرأة لتصلي مع النساء و تطلب الرزق من ربها و لماذا لم تدخل أبنائها التي وجب عليهم الصلاة إلى المسجد ليصلوا و يطلبوا الرزق !

ألا تستحي تلك المرأة أن تستعطفك بكلمات الإيمان و هي لا تمارس منه شيئا ؟!!

و ما رأيك في تلك الأخرى التي تتنقل بين وسائل المواصلات و بيدها عدة شهادات صحية مغلفه ! لتستعطف جيبك في بضع جنيهات بحجة أن زوجها أو أحد أطفالها يحتاج إلى عملية ، و كذلك أيضا تجد ذلك الرجل يمسك نفس الشهادة الصحية ( المزورة ) و يقف في الطرقات بحجة أنه يحتاج إلى أموالك لتلك العملية الجراحية الصعبة ...

لحظة تأمل فيما سبق .. كيف لهذا الرجل الوقوف على قدميه ليطلب منك المال أصلا ؟!

و كيف لتلك المرأة أن تترك زوجها يرقد بين الحياة و الموت لتذهب للتسول بحجة جمع المال ؟!

ثم منذ متى تكون الشهادات الصحية مغلفة ؟ أو من أين جاءت بأوراق الطباعة التي تمكنها من كتابة تلك الحالة الإنسانية - لتوفر على نفسها عناء تكرار نفس الجمل الإنسانية المبالغ فيها - و تكتبها على ورق و تصوره و من ثم توزعه على ركاب ( الأتوبيس ) !!

و على الجانب الآخر تجد من تفترش الأرض ببعض الحلوى و أكياس المناديل بحجة بيعها و البعض منهم يتخذ من الدين المظهر الوقور مثل التخفي وراء النقاب أو اللحية البيضاء !
إن كان ما تفترشه الأرض للبيع حقا فمن الذي يشتري ؟! حيث غالبا ما تجد هؤلاء في مناطق سكانها على وعي صحي لا بأس به و كلا منهم يعلم خطورة شراء تلك المنتجات ، و بالتالي فمن جانب العطف ستحنو عليهم لإلقاء بعض من مالك ليعينهم دون أن تشتري و هذا ما يريدونه !!
نجد أيضا ذلك الطفل – المغصوب على أمره – الذي يوقفك في الطرقات ليستعطفك في كسب بعض النقود لشراء الطعام و لأن رقة القلب تشتعل عند رؤية طفل مسكين ، فينجح ذلك الطفل في اختزال ما يريده من مالك .. و الله يعوض عليك من كرمه !

و أنتقل بك إلى أحدث وسائل التسول و هي طريقة مبتكرة فتجد رجل أو سيدة – جيد الهيئة – يوقفك بكل أدب ليسألك بعض النقود بحجة أن ماله قد ضاع و أنه يريد أن يذهب إلى بيته و لا يجد ثمن المواصلات و بالطبع تتكون لديك صورة ذهنيه بأنك قد تتعرض لذلك الموقف يوما من الأيام و لا تجد من يساعدك ، فتحنو عليه و تدفع له !

و لكن من الأولى و لكي تضمن صدقه أن تسأله أين يريد أن يذهب و من هنا تعرض عليه أن توصله بنفسك إلى وسيله المواصلات التي يريدها و هنا ستكتشف إحدى حالتين إما أن يكون صادقا حينها تكمل جميلك ، و إما أن يكون كاذبا و ينكشف كذبه أمامك !!

و تلك هي الوسائل التي أعترف بها المجتمع و أصبحت عادة نراها يوميا في الشوارع دون تدقيق النظر إلى ماهيتها أو ضررها !!

و هناك أدوات أخرى للتسول ( هاخد فلوسك رخامة ) و هذا ما تراه في المتنزهات و على كورنيش النيل و الأماكن المفتوحة للجمهور خاصة ..

فتجد من يلح عليك بطلب المال سواء كان طفلا أو رجلا كبيرا أو امرأة و الغريب أني قلما أجد شابا يمتهن التسول !!

و هذا الإلحاح المبالغ فيه هو ما يدفعك لإعطائهم النقود لكي ينصرفوا عنك ، و ربما يكون الإلحاح لكي يبيع لك إحدى بضاعته الرديئة بسعر مبالغ فيه أيضا !

و تلك التي أعترف بها المجتمع رغما عنه حيث فرضت نفسها على المجتمع بشكل واضح ..

أما الجانب الآخر و الذي أعترف به المجتمع و الحكومة هي برامج و جمعيات التسول !!

فتجد البرامج الاجتماعية ( الإنسانية ) و خاصة الدينية منها يلتمسون من السادة المشاهدين العطف و المساعدة لتلك المرأة التي تعول خمس أطفال تركهم والدهم بدون مأوى أو مسكن ..

أو العطف على تلك السيدة التي تركها أولادها بدون السؤال عليها و بدون مورد مادي تحيى منه حياة كريمة .. الخ من الحالات الإنسانية التي يشوبها نسبة كبيرة من الافتعال و إصتناع الأحداث و البكاء !!

سؤال بسيط .. كيف علمت تلك المرأة – في ظل ظروفها المادية المعدمة – بتلك القنوات و كيف اتصلت بهم ؟! ( وطي التلفزيون شوية يا حمادة مش سامعة !!!!!!!!! )

و بالطبع تغلب علينا هنا النزعة الدينية و نتصل بتلك القنوات لنسأل عن عنوان تلك المرأة أو ذلك الرجل المسكين لنساعدهم ، كل ذلك يتم بناء على الثقة في ذلك الشيخ الجليل الذي وقع هو أيضا ضحية تلك الخدعة !!


و الواجب على تلك القنوات و البرامج تقصي الحقيقي من تلك القصص المحزنة التي نسمعها كثيرا ، بل و تصوير الحالة و إعطاء المشاهدين تقريرا مصورا عنها فذلك يطمئن قلب المشاهد و يؤكد له أن أمواله تذهب لمستحقيها ، و هذا ما تتبعه بعض تلك البرامج ...

أما جمعيات التسول فتلك التي تنتشر يوما بعد يوم بحجة أنها ترعى اليتيم و أنها تستقبل التبرعات من جميع الجهات و من جميع الأهالي لكي توصلها إلى مستحقيها ، و مع ذلك تجد أن الكثير من تلك الجمعيات الأهلية لا تستمر أكثر من نصف السنة لأنها جمعت ما تريده من المال !

ثم ينهار ذلك الكيان الاجتماعي و تنهار معه القيم الاجتماعية التي نشرت بواسطته مثل كفالة اليتيم ، و مساعدة الشباب ، و الصدقة الجارية .. الخ

تلك الجمعيات التي لا يستمر منها إلا الصادقين فقط ...

و لكن السؤال الذي قد يجول في عقلك .. لماذا يمتهن هؤلاء التسول ؟!

و بكل بساطة أجيب عليك من خلال أرقام صادمة .. فحين يصل متوسط دخل المتسول اليومي إلى 300 ج و في الأعياد و المناسبات الدينية على وجه الخصوص يصل إلى 1500 ج وفق الإحصائيات الأخيرة ، فلما لا يمتهنها هؤلاء الأذكياء ؟!

تلك المهنة العالمية التي تعاني منها كل الدول الكبيرة قبل الصغيرة و يزداد ممتهنيها كل عام بطريقة غير طبيعية .. و كل ذلك يتم بدافع الكسل !!

و هنا سؤال يطرح نفسه .. إن لم تكن الحكومات قادرة على ردع و منع التسول و طالما معدلاته في ازدياد ، لِم لَم تفكر الحكومة في فرض ضريبة سنوية على المتسولين !!! ( ما هو ده اللى ناقص بقى )

و في النهاية .. أنا لا أقصد بكلامي كل من أجبرته ظروفه لأن يمد يده ، و لكن ذلك العفيف لن يلجأ إلى الكسل مدى عمره ، و حتما سيبحث عن وسيلة يكسب منها رزقه ..

و لكنني أقصد كل محتال ، نصاب يتاجر بالدين و لا يعلم عن الدين شيء ، يدعوك و يذكرك به طوال الوقت و نسى قول الله تعالى " و في السماء رزقكم و ما توعدون " و قوله تعالى أيضا

" للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا " و هناك من الأدلة الكثير من ما تبين موقف الإسلام من التسول و المتسولين .. هل يكفيكم هذا أيها المتسولين ؟!

لا أقصد بكلامي ذلك الفقير الذي يحاول أن يكسب من عمل يده فيبيع بضاعته للناس مهما كانت ردائه تلك البضاعة فإنه لا يسألك إلا ثمنها .. لكني أقصد من يجبرك على شراء تلك البضائع الرديئة بالإلحاح و التهكم بغرض كسب مالك أو سرقتك !
لا أقصد ذلك الفقير الذي يسعى لتربية و تعليم أطفاله ، بل أقصد ذلك الذي يسعى لتحديث " موبايله " !!!!
احترس .. فإن أموالك أمانه بين يديك فأستغلها في الصالح و أحرص أن تذهب إلى مستحقيها ... ( لكن السؤال من هم مستحقيها ؟!! )


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق